السعادة

سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik السعادة خاص بشعبتي اآلداب و العلوم اإلنسانية تقديم اعتبر الفارابي أن السعادة هي غاية ما يتشوقها كل إنسان وأنها أعظم الخيرات جميعا ذلك أن هناك خيرات كثيرة يبحث عنها اإلنسان من أجل تحقيق غاية أخرى في حين أن السعادة غاية مطلوبة لذاتها إنها إذن نهاية الكمال اإلنساني وأقصى ما يسعى كل امرئ من أجل بلوغه كما يمكن القول بأن السعادة هي حالة ارتياح تام للذات يتميز عن الفرح لحركيته وعن اللذة للحظيتها ولذلك يفترض أن السعادة هي حالة يشعر فيها الكائن البشري باالرتياح الكامل والدائم في نفس الوقت وهذا ما ال يتوفر في الفرح أو اللذة الحسية مثال ألن األول يرتبط بحركات انفعالية وغريزية وجسدية بينما تظل اللذة عابرة ومؤقتة ولذلك يحق لنا التساؤل أين تتمثل السعادة بالضبط هل يمكن وصفها بدقة هل لها مدلول واحد وكيف السبيل إلى بلوغها وما عالقتها بالواجب هل هي عالقة تكامل أم تعارض المحور األول تمثالت السعادة طرح اإلشكال إدا كانت السعادة هي الغاية القصوى التي يبحث عنها كل إنسان فهل يعني دلك أننا نعرف بالضبط ما هي السعادة وهل يمكن للعقل انطالقا من اللغة أن يعبر لنا بدقة عن مفهوم السعادة ثم أال يمكن القول بأن لكل واحد منا تمثله أو تصوره الخاص للسعادة أال يجعلنا هدا ندهب إلى أن هناك مدلوالت وأيضا معايير مختلفة للسعادة

سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik لمعالجة هدا اإلشكال يمكن أن نقدم الموقفين الفلسفيين التاليين موقف أرسطو السعادة ذات طبيعة عقلية وهي غاية في ذاتها يعتبر أرسطو أن السعادة ليست ملكة فطرية متاحة للجميع بل هي فعل يتطلب الجهد والمثابرة كما أنها غاية من أجل ذاتها وترتبط بالفضيلة وباألفعال المطابقة للمبادئ األخالقية العليا ولذلك ال يمكن في نظره أن تتمثل السعادة في اللهو بل الحياة السعيدة هي التي يحياها المرء وفقا للفضيلة وهي حياة جد واجتهاد ال حياة لهو وكل ما يصبو إليه اإلنسان من لذات حسية أو خيرات مادية أو فكرية إنما يكون الهدف منه هو الوصول إلى السعادة وبهذا المعنى فالسعادة تكتفي بذاتها وال تحتاج إلى غيرها وإذا كانت التغذية والنمو والغرائز هي مما يشترك فيه اإلنسان مع النبات والحيوان فإنه وجب البحث عن السعادة في الجانب الذي يخص اإلنسان وحده وهو المتمثل في العقل والفكر وبذلك فالسعادة تكمن في ما هو حق وخير وجميل أي في الفضائل األخالقية الكاملة هكذا يرفض أرسطو التمثالت الشائعة حول السعادة والتي تجعلها تتحدد إما في الثروة المادية أو في ما هو بهيمي وغريزي أو تحددها في التهافت على المجد والشهرة و التشريفات ويرى على العكس من ذلك أنها تتمثل في حياة التأمل الفكري والعقلي الذي من شأنه أن يجعل صاحبه يدرك الفضيلة ويجسدها على المستوى العملي لكن هل يمكن للعقل فعال أن يقدم لنا تمثال واضحا للسعادة وهل سيستخدم الناس عقولهم بنفس الكيفية للوصول إلى مدلول واحد للسعادة أال يمكن أن تؤثر األهواء واألمزجة والمصالح على تمثل الناس للسعادة وهل السعادة تكمن فقط على المستوى العقلي أليس لباقي الجوانب الموجودة لدى اإلنسان دور في تمثلها موقف كانط السعادة مثل أعلى للخيال وليس للعقل ال يمكن في نظر كانط إعطاء أي مدلول عقلي دقيق لمفهوم السعادة فبالرغم من أن كل واحد من الناس يرغب في أن يكون سعيدا ويسعى إلى بلوغ السعادة إال أنه مع ذلك يصعب عليه تقديم تصور عقلي محدد لما من شأنه أن يجعله سعيدا فال الثراء وال كثرة المعارف وال الصحة وال العمر الطويل بإمكانها أن تحدد لنا ما تكونه السعادة ولذلك تظل السعادة حسب كانط غامضة وغير قابلة للتحديد النهائي إذ ال يمكن اعتبارها مفهوما عقليا قابال للصياغة الواضحة والدقيقة بل إنها تظل تصورا خياليا ينبني على أسس تجريبية وحسية ال متناهية تختلف عند األفراد حسب الحاالت التي يمرون بها هكذا وجدنا أنفسنا أمام تصورين فلسفيين مختلفين ففي الوقت الذي اعتبر فيه أرسطوأن السعادة هي الغاية من الفضائل األخالقية وأنها قابلة للتعقل نجد أن كانط ينزع صفة الغائية عن الواجب األخالقي حتى ولو تعلق األمر بالسعادة إذ أنه غاية في ذاته كما ينفي إمكانية الوصول إلى تحديد عقلي للسعادة لتظل فقط مثال أعلى للخيال المرتبط بمحددات تجريبية المتناهية

سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik المحور الثاني البحث عن السعادة طرح اإلشكال إدا تبين أن السعادة غاية يسعى إليها كل إنسان فما هو السبيل أو السبل التي تؤدي إلى بلوغها وإذا تبين أن الفالسفة اختلفوا في تمثلها وتحديد مدلولها أال يمكن القول انطالقا من دلك أن الطرق المؤدية إليها تختلف أيضا وهل الوصول إلى السعادة متاح أصال نجد في الفلسفة اليونانية تعارضا بين موقفين الموقف األبيقوري أبيقور اللذة هي سبيل السعادة يذهب أبيقور إلى أن اللذة هي مبدأ الحياة السعيدة وغايتها وبذلك اعتبر أبيقور أن جلب اللذة ودفع األلم هو المعيار األول لكل ما هو خير وسعادة واللذة عنده هي تلك التي تدفع عنا ألم الجسد وتجنبنا اضطراب الروح ولذلك ال يجب اإلسراف في اللذات حتى ال تنقلب إلى آالم كما يجب تحمل بعض اآلالم التي من شأنها أن تخلق لدينا إحساسا باللذة الموقف الرواقي سينيكا تكمن السعادة في اتباع العقل والرضا بالمصير تتمثل السعادة حسب سينيكا في التحرر من سيطرة الرغبات واألحاسيس الغريزية الحيوانية ودلك عن طريق االستعمال السليم للعقل الذي من شأنه أن يمكننا من معرفة حقيقة الذات اإلنسانية ويجعلنا نصدر قرارات عقلية صحيحة حول األشياء يكون مصدرها هو العقل السليم كما تتمثل السعادة أيضا في االستقامة ونهج السلوك األخالقي الفاضل وعدم المبالغة في التفكير في المستقبل والقناعة بما تحقق في الحاضر فالسعادة إذن هي تعقل للرغبات وتحرر من سيطرتها وسلطتها عن طريق االستعمال السليم للعقل أما في العصور الحديثة فنجد مواقف فلسفية متعددة من إشكال البحث عن السعادة وطرق بلوغها ويمكن اإلشارة إلى موقفين أحدهما لروسو واآلخر لهيوم

سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik موقف روسو السعادة حنين إلى حالة الطبيعة األولى كان اإلنسان حسب روسو يعيش في حالة الطبيعة األولى حياة بسيطة وسعيدة فقد كان يلبي حاجاته بشكل سهل وتلقائي من أجل حفظ بقائه لكن صعوبة العيش جعلته يجتمع مع غيره من الناس وتظهر لديه بعض المشاعر اإلنسانية الجديدة كالحب والكراهية والحسد مما سيؤدي إلى النزاع والصراع الذي سيجعل اإلنسان يفقد حالة الطمأنينة والسعادة األولى كما أن ظهور الكثير من الكماليات في حالة االجتماع وتحولها إلى عادات راسخة سيجعل اإلنسان يشعر بالشقاء حينما يفتقدها كما ال يكون سعيدا حينما يتملكها مادامت كثيرة والمتناهية هكذا يبدو أن اإلنسان فقد السعادة إلى األبد مادام أن الرجوع إلى حالة الطبيعة أمر مستحيل موقف هيوم تهذيب الذوق كسبيل لبلوغ السعادة إذا كان روسو يعتبر أن الحصول على السعادة متعذر في إطار االجتماع البشري فإن دفيد هيوم يمنحنا بعض األمل في الحصول عليها والسبيل إلى ذلك في نظره يكمن في رهافة اإلحساس من جهة ورهافة الذوق ورقته من جهة أخرى هكذا تؤدي مثل هذه الرفاهة إلى توسيع دائرة إحساسنا بالسعادة وبالشقاء معا إذ أنها تجعلنا أكثر تأثرا بالمشاهد المفرحة والمحزنة معا لذلك يدعو هيوم إلى نوع من التربية الجمالية عن طريق دراسة األعمال اإلبداعية الجميلة والراقية ألن من شأن هذه التربية أن تهذب إحساسنا وذوقنا وتجعلنا نحس أكثر بالسعادة يبدو أننا هنا أمام نزعة رومانسية تشاؤمية يمثلها روسو تتطلع إلى سعادة موجودة في حالة طبيعية بعيدا عن المجتمع ونزعة جمالية تفاؤلية تربط السعادة بالذوق الجمالي المرهف الذي يجعل صاحبه يستمتع بجمالية الواقع ومشاهده ويشعر بالسعادة من جراء ذلك المحور الثالث السعادة والواجب طرح اإلشكال يعيش اإلنسان داخل وسط اجتماعي تحكمه مجموعة من الضوابط والقواعد سواء القانونية أو العرفية أو األخالقية ولذلك فإنه يجد نفسه ملزما بمجموعة من الواجبات تجاه نفسه وتجاه اآلخرين وإذا كان اإلنسان يسعى إلى تحقيق السعادة كغاية قصوى فهل ينبغي أن تكون الواجبات هي الدافع إلى طلب السعادة أال يمكن القول بأن السعادة ال ترتبط بالواجب وأنها ميل طبيعي وتلقائي وهل تكمن السعادة بالضرورة في االمتثال للواجب وهل السعادة والواجب متناغمان أم متنافران وهل سعادة الفرد تمر بالضرورة من خالل إسعاد اآلخرين ثم أال يمكن القول بأنه ال إسعاد لآلخرين إال عن طريق إسعاد الذات أوال

سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik موقف راسل السعادة ليس إحساسا صادرا عن الواجب بل هي اهتمام ودي و تلقائي باآلخرين بعد أن أشار برتراند راسل إلى أن الموضة والهوايات ليست مصدرا للسعادة الحقيقية ما دامت تمثل نوعا من الهروب من الواقع ومن مواجهة مشاكل الحياة اعتبر أن السعادة الحقيقية تمكن في االهتمام الودي باألشخاص واألشياء هكذا فالشخص السعيد هو الذي يحب الناس تلقائيا دون أن ينتظر مقابال لمثل هذا الحب إنه ذلك الشخص الذي يجد المتعة في تتبع أحوال الناس وتوفير الظروف المناسبة إلشعارهم بالسرور والسعادة دون انتظار تلقي أية مكافأة أو إعجاب من طرفهم وغالبا ما يشعر مثل هذا الشخص بالرضا واالرتياح والسعادة من جراء سلوكه التلقائي هذا مع الناس من هنا ال يكون دافع الشعور بالسعادة نابع من إكراه الواجب وإلزاميته بل نابع من الميل الطبيعي إلى إسعاد اآلخرين وإسعاد الذات معا ولذلك يقول راسل اإلحساس بالواجب يكون مفيدا في العمل ولكنه يكون عدائيا في العالقات اإلنسانية ذلك أن الناس يريدون أن يكونوا محبوبين بشكل تلقائي وليس عن طريق اإلجبار واإلكراه الذي يمثله الواجب كما أن أكبر سعادة يمكن للمرء أن يشعر بها هي تلك النابعة من حبه واهتمامه التلقائي والطبيعي بالناس اآلخرين لكن إذا لم أتمكن طبيعيا وتلقائيا من القيام بما من شأنه إسعاد اآلخرين أال يمكن القول بأنه يتحتم علي القيام بذلك انطالقا من الواجبات المفروضة علي من طرف المجتمع واألخالق أال يمكن القول بأن إسعاد اآلخرين هو واجب تجاه الذات ثم أال تتوقف سعادة الذات على واجب إسعاد اآلخرين موقف أالن إميل شارتيي السعادة واجب تجاه الذات والغير معا يؤكد أالن على أنه يجب على اإلنسان أن يبذل مجهودا من أجل الحصول على السعادة فهذه األخيرة هي من ناحية واجب على اإلنسان تجاه نفسه كما أنها من ناحية أخرى نتاج للجهد والمثابرة فهي تصنع وال تمنح وإذا كانت السعادة حسب أالن واجبا نحو الذات فهي أيضا واجب نحو الغير دلك أن اآلالم والمآسي المنتشرة في كل مكان في العالم تحتم علينا بذل جهود من أجل التغلب عليها وتحقيق السعادة المأمولة ومن جهة أخرى يعتبر إسعاد الذات قنطرة ضرورية إلسعاد الغير ولذلك اعتبر أالن أن أجمل هدية يمكن أن نقدمها إلى اآلخرين هي أن نعمل على إسعاد أنفسنا إذ كيف نتمكن من منح السعادة لآلخرين ونحن نفتقدها أصال هكذا يتبين أن إسعاد اآلخرين قد يكون ميال طبيعيا نابعا بشكل تلقائي من الذات أو قد يكون نابعا من الواجب مما يمنحه الطابع القسري واإللزامي كما أن إسعاد اآلخرين قد يكون مصدرا لسعادة الذات أو يكون إسعاد الذات شرطا ضروريا إلسعاد اآلخرين
Tarik Hcine
اعتبر الفارابي « أن السعادة هي غاية ما يتشوقها كل إنسان»، وأنها أعظم الخيرات جميعا؛ ذلك أن هناك خيرات كثيرة يبحث عنها الإنسان من أجل تحقيق غاية أخرى، في حين أن السعادة غاية مطلوبة لذاتها. إنها إذن نهاية الكمال الإنساني، وأقصى ما يسعى كل امرئ من أجل بلوغه. كما يمكن القول بأن السعادة هي حالة ارتياح تام للذات، يتميز عن الفرح لحركيته وعن اللذة للحظيتها...
أرسلت .
- الملفات : الملفات.
- المستوى : الثانية باكالوريا.
- المادة : الفلسفة.
كلمات مفتاحية :
السعادة تمثلات طبيعة عقلية البحث اللذة العقل الرضا المصير حنين الطبيعة تهذيب الذوق الواجب إحساس اهتمام الذات الغير راسل هيوم روسو الموقف لرواقي الأبيقوري كانط أرسطو
السعادة تمثلات طبيعة عقلية البحث اللذة العقل الرضا المصير حنين الطبيعة تهذيب الذوق الواجب إحساس اهتمام الذات الغير راسل هيوم روسو الموقف لرواقي الأبيقوري كانط أرسطو