النظرية والتجربة

المحور الأول التجربة والتجریب ماالاشكال المطروح ھنا مالقضیة التي یتعین معالجتھا ومالسؤال أو الأسئلة التي ینبغي الجواب علیھا یحظى العلم وخصوصا العلوم الدقیقة بتقدیر خاص حتى الخطاب الدیني یستعیر القوة الإثباتیة للحقائق العلمیة ولو سألنا أنفسنا عن السبب لأجبنا دون تردد لإنھ یعتمد على التجربة یقال إذن عن العلم إنھ علم تجریبي ولكن ما المقصود بالتجربة ھل التجربة حكر على العلم ألیست التجربة ھي لقاء الواقعي أي مایقع خارج الذات أو یتمایز عنھا وعلیھ ألا توجد التجربة في صلب علاقتنا بالعالم وبالآخرین وإذا صح ھذا التعریف الأخیر فما الذي یمیز الممارسة التجریبیة في العلم عن نظیراتھا في باقي مظاھر النشاط المعرفي الإنساني كالتجربة الروحیة أو الجمالیة أو العاطفیة التجربة لیست حكرا على العلم لأنھا تقع في أساس كل معرفة إنسانیة لتجاوز ھذا الإحراج یتعین علینا الوقوف عند خصوصیة الممارسة التجریبیة العلمیة من أجل إبراز أوجھ الاستمراریة أو القطیعة بین المعرفة العلمیة خاصة بما ھي معرفة تجریبیة والمعرفة الإنسانیة عامة التي یقال عنھا أیضا أنھ ثمرة للتجربة یرى بیكون أن العلم التجریبي لایتجاوز العلم التأملي إلا بخروج الفكر من ذاتھ واتجاھھ نحو الواقع لاكتشاف العلاقات بین ظواھره لكن الفكر الإ نساني كان دائما متجھا نحو الواقع منصتا للعالم الخارجي بانبھار حینا وبخشوع أو یأس أو رجاء حینا آخر أي أن الممارسة التجریبیة من حیث تعلم من الوقائع سابقة على نشوء العلم نفسھ كما یقول روني طوم بعبارة أخرى إذا كان العلم المعاصر منذ غالیلیو وبیكون علما تجریبیا فمالذي یشكل بالضبط خصوصیة الممارسة التجریبیة العلمیة إزاء مختلف التجارب الأخرى كالتجربة الروحیة أو الجمالیة أو العاطفیة لنبدأ أولا بتحدید دلالات مفھوم التجربة بوجھ عام في النص التالي یحلل فردیناند ألكییھ مفھوم التجربة بوصفھ اختبارا لوقائع متمایزة عن الذات في مقابل الخیالات والأماني واختلاقات الذھن وبذلك فالخاصیة الأساسیة للتجربة- حسب آلكیي كامنة في خضوع الذات وسلبیتھا وھي تتقبل المعطى وھذه السلبیة موجودة في كل معرفة إنسانیة كما أن عنصر الخضوع والتلقي یجعل من كل تجربة معاناة وتحملا وینتھي آلكیي إلى أن واقعة ما أو إحساسا أو فكرة أو حقیقة لا تكون معطاة من طرف التجربة إلا عندما تكون موضع معاینة خالصة تستبعد كل اصطناع أو تدخل أو بناء من طرف الفكر نص فیرناند ألكیي مفھوم التجربة التقبل السلبي تلك ھي الخاصیة التي توصل إلیھا الفلاسفة بعد تحلیلھم لتجاربنا والتي حددوا بھا مفھوم التجربة ومیزوھا عن الاختراع والابداع والخیالات والأماني وبالفعل ألیس الحديث عن التجربة حديثا عن اختبار لغرابة حقیقیة وأن ما أفادنا وعلمنا ھو بالضبط ماصدمنا وماعاكس طريقنا وأجبرنا على تغییر أوھامنا وأحكاما المسبقة والتخلي عن الیقینیات الوثوقیة المكتفیة بذاتھا التي نتخدھا غالبا منطلقا لنا وحتى لو قمنا بتأويل التجربة وفھمھا فإنھا تنطوي باستمرار على شيء من الخضوع أي خضوع الأنا ولذلك تقترن التجربة عادة بالفشل وكأن الألم ضروري لكي نغیر مواقفنا من الحیاة ھناك معارف لاسبیل غیر المعاناة لتحصیلھا إن خاصیة المعاناة التحمل ھو العلامة الممیزة للموضوع الواقعي التي تسمح بتمییزه بشكل إيجابي والتجريب العلمي نفسه لايستحق نعت تجربة إلا لأنه وفي أكثر لحظاته فعالیة إنما يمھد ويعلن عن لحظة السلبیة التامة أي اللحظة التي نكتفي فیھا بتقبل واستقبال الواقعة التي تمثل جوابا بالنسبة للنشاط الفكري صحیح أن الواقعة العلمیة واقعة محددة بقوانین وفرضیات وبنسق فكري كامل بید أنھا مع ذلك لاتكون واقعة إلا إذا انطوت على معطى قائم بذاته غیر قابل للإختزال نستطیع إذن أن نمنح لكلمة quotتجربةquot معنى دقیقا فنعلن أن أن واقعة ما أو إحساسا أو فكرة أو حقیقة تكون معطاة من طرف التجربة عندما تكون موضع معاينة خالصة تستبعد كل اصطناع أو تدخل أو بناء من طرف الفكر بید أن ھذا مثل ھذا التعريف يفتقر إلى الصفة الواقعیة مادام ان مساھمة المعطى الخارجي تمتزج دائما بشيء من الاستجابة الفكرية الفعالة يشیر المفھوم الفلسفي للتجربة إذن إلى quotتجربة خالصةquot لاتجريب فیھا أبدا تدل كلمة quotتجربةquot على ذلك عنصر السلبیة الموجود في كل معرفة إنسانیة Ferdinand Alqui Lexperience PUF 1957 pp3-5 textes Nathan 1979 p156 Cit par ARousel et GDurozoi Philosophie Notions et

يقدم ھذا النص تجربة علمیة تكاد تكون غاية في النموذجیة و الوضوح لمفھوم التجريب كما يتجلى في مراحل المنھج التجريبي 1- لاحظت بالصدفة يبدو وكأن شرارة البحث العلمي تنقدح من ملاحظات عفوية تثیر انتباه العالم بید أن الصدفة كما يقول باستور لا تواتي سوى العقول المتیقظة 2- استرعى انتباھي ما لاحظته حصول تعارض بین معطیات الملاحظة والمعارف العلمیة السابقة والواقع أن ھذه الأخیرة ھي التي تعطي للملاحظات دلالتھا العلمیة وتنتقل بالموضوع من quotموضوع واقعيquot إلى quotموضوع- معرفةquot 3- فافترضت أن اقتراح تفسیر للملاحظة تقول ھذه الفرضیة أن الأرانب وھي حیوانات عاشبة قد خضعت لنظام غذائي شبیه بالنظام الغدائي للحیوانات اللاحمة ذلك أن الإمساك الطويل عن الطعام جعلھا تقتات من مخزونھا 4- لم أجد أيسر من التحقق بواسطة التجربة فقدمت لاحظت ثم أخضعت وكررت للتأكد من دور مختلف العوامل -فكنت أحصل -فاكتشفت تشیر مختلف ھذه الإجراءات إلى البروتوكول الذي يتم وفقه التجريب ويستھدف كل ھذه الإجراءات التحقق من صحة الفرضیات واختبار التنبؤات التي تستنبط منھا 5- وھكذا خلصت إلى ھذه القضیة العامة ومؤداھا أن كل الحیوانات مرحلة الاستنتاج أو صیاغة القانون العلمي الذي يتضمن بالضرورة نوعا من التعمیملم يجر كلود برنار تجاربه سوى على الأرانب والخیول لكنه عمم نتائج التجريب على كل الحیوانات العاشبة في مقام آخر من كتابه مدخل لدراسة الطب التجريبي يجمل كلود برنار بنفسه المراحل السابقة محددا خصائص التجريب العلمي قائلا إن عقل العالم يوجد دوما بین ملاحظتین الملاحظة الأولى تسمح للعالم بالتعرف على الظاھرة ومعاينتھا وتولد في ذھنه سلسلة من الاستدلالات ھدفھا تفسیر الوقائع الملاحظة بواسطة مجموعة من المبادئ والفرضیات ثم تصور عدة تجريبیة لاختبارھا الملاحظة الثانیة تواكب التجريب وتعقبه حیث يقوم العالم بمعاينة النتائج التي أحدثھا تدخله في الظاھرة المدروسة لكي يسجل جواب الظاھرة على سؤاله خلاصة يتضح من ھذا المثال أنه إذا كانت التجربة بمعناھا العام ھي مايحدث لنا فإن التجريب العلمي ھي ما يحدثه العالم الذي لا يكتفي بالإنصات للواقع بل يستنطقه محدثا خللا في الظاھرة المدروسة ومسجلا ردود أفعالھا وإذا كانت التجربة تلقیا فإن التجريب حوار و عن ھذا الحوار يقول بريغوجین وستانجر في مؤلفھما المشترك quotالعھد الجديد تحولات العلمquot نص ستانجر وبريغوجین الحوار التجريبي أثبت العلم الحديث قدرته على أن يقیم وبشكل منھجي حوارا تجريبیا مع الطبیعة وھذا الحوار التجريبي ممارسة فاعلة ولیس مجرد ملاحظة سلبیة إذ يتعلق الأمر بإعادة إخراج الواقع الفیزيائي وتشكیله لیتطابق ما أمكن مع الوصف النظري يتم ذلك من خلال تحضیر الظاھرة المدروسة وتنقیتھا وعزلھا إلى أن تطابق وضعیة مثالیة غیر متحققة فیزيائیا ولكن معقولة من حیث أنھا تجسید للفرضیة النظرية التي توجه مختلف الاجراءات التجريبیة وھكذا فالعلاقة الوثیقة بین التجربة و النظرية تنجم من كون التجريب يخضع السیرورات الطبیعیة لاستنطاق لايكتسب كامل معناه إلا انطلاقا من فرضیة تتناول المبادئ التي تخضع لھا ھذه السیرورات وبالنظر إلى مجموعة من الافتراضات الأولیة المتعلقة بسلوكات لايعقل نسبتھا إلى الطبیعة METAMORPHOSE DE LA SCIENCE Gallimard ILYA PRYGOGINE ISABELLE STENGERS LA NOUVELLE ALLIANCE 1979 p 48

وباختصار شديدأين يكمن التقابل إذن إنه قائم بین موقف تجريبي منفعل وموقف تجريبي فاعل التجريب بین صدمة الفكر أوإنصاته للعالم الخارجي وھجومه علیه واستنطاقه إياه تناقض قائم قائم بین تجربة تحدث لنا وتجريب يحدثه العالم كما لو أن التجارب الجمالیة والروحیة والعاطفیة ھي نماذج لتجربة منفعلة في حین أن التجريب ھو تجربة فاعلة إشكالیةالمحور الثاني العقلانیة العلمیة نعود مرة أخرى إلى عبارة quotعلم تجريبيquot لنتساءل إذا كان التجربة ھي مايمیز العلم فما حظ العقل وماذا طبیعة ھذا العقل أي ماطبیعة العقل العلمي تبین لنا في المحور الأول أن التجريب العلمي حوار يتأسس على خطة وافتراضات أي على بناء نظري عقلي يتم على ضوئه مساءلة التجربة وتأويل أجوبتھا نريد في ھذا المحور أن نركز أكثر على طبیعة العقل ووظائفه كما تفرزھما الممارسة العلمیة وكذا التأمل أيضا في نمط اشتغال العقل داخل ذلك الحوار التجريبي الذي تقیمه العلوم الحقة مع الطبیعة ماطبیعة العقلانیة العلمیة قبل أن تجیب الابستملوجیا المعاصرة على ھذا السؤال فقد أجاب عنه تاريخ الفلسفة من قبل فیما يسمى بالنزعة العقلانیة وخصیمتھا التجربیبة مما يفرض علینا سؤالا إضافیا إذا كنا نتحدث الیوم عن عقلانیة علمیة فما الفرق بینھا وبین العقلانیة أي ذلك المذھب الفلسفي المعروف 1- ھل العقلانیة العلمیة نسخة معدلة للعقلانیة الفلسفیة أو المذھب العقلاني بعد أن خفت الحماس التجريبي الذي واكب انبعاث العلم الحديث ومع الاعتماد المتزايد على الصیاغة والمعالجة الرياضیة ومع فقدان الموضوع الفیزيائي لطابع الشیئیة في المیكروفیزياء انبعث مجددا مايسمیه إينشتاين بحلم القدماء والمقصود به قدرة العقل على معرفة قوانین العالم الفیزيائي ماذا يستطیع العقل متمثلا في البناء الرياضي أن يعرف ھل الرياضیات أداة كشف أم مجرد أداة للتعبیر والصیاغة يوجد شبه إجماع بأن العقلانیة العلمیة تنفصل تماما عن العقلانیة الفلسفیة الكلاسیكیة في صیغتھا المكتملة والشامخة مع كانط من حیث تخلیھا النھائي عن فكرة العقل كمضمون أو كبنیة سطاتیكیة مغلقة ونھائیة قوامھا مبادئ فطرية أو قبلیة خار ج التاريخ ولكن ھل يعني ذلك قطیعة تامة بین العقلانیتین ولكن إذا ماخلصنا العقلانیة الكانطیة من الطابع القبلي لمقولات العقل فإن العقلانیة العلمیة كما فھمھا إينشتاين والكثیر من الإبستملوجیین الفرنسیین لیست سوى إنجاز أومواصلة للمشروع الذي وضعه كانط في مقدمة الطبعة الثانیة من نقد العقل الخالص في قوله quotلايرى العقل إلا ماينتجه ھو وفق خططه الخاصة وأن علیه أيضا أن يرغم الطبیعة على أن تجیب على أسئلته لا أن ينقاد بحبال الطبیعة وحدھاquot ويترجم روبیر بلانشیه الوجه الجديد للعقلانیة في ھذه العبارات ھكذا يعمل العقل على جعل التجربة تتوافق مع مفھوم النظام القبلي الذي يبدو في ظاھره مفھوما مناقضا للتجربة شريطة أن ينزع العقل عن القبلي مايتضمنه من إطلاق وثبات لئلا يستبقي من القبلیة سوى فكرة وجود شرط يفرضه العقل بإيعاز من التجربة من أجل تفسیر معطیات ھذه التجربة مباھج ص 74 نص إينشتابن الطابع المبدع والخلاق للعقلانیة العلمیة يدافع إينشتاين في النص التالي عن الطابع الابداعي للعقلانیة العلمیة ويضع المبدأ الخلاق في العقل والرياضیات مادام تاريخ العلم الحديث يشھد بأن الطبیعة أجابت دائما على أسئلة مصاغة بلغة رياضیة ويلتقي بذلك مع التصورات الابستملوجیة التي لم تعد تعتقد في قدرة التجريب وحده على التحلیل السببي للظواھر لاينكر إينشاتن أھمیة التطابق مع التجربة كمعیار لتحديد فائدة الإنشاءات العقلیة التي تظل بدون ذلك مجرد بناءات عقلیة حرة بید أنه لايخفي مع ذلك ثقته في قدرة العقل على معرفة قوانین العالم الفیزيائي وتقديم صورة أكثر دقة عن ھذا العالم الذي يشبه ساعة يدوية لاسبیل إلى فتحھا بل يتعین إنطلاقا من شكلھا ومحیط دائرتھا المتدرج وحركة العقارب والنبضات بناء أنساق ونماذج أقرب ماتكون إلى تمثیل المیكانیزم الداخلي المسؤول عن ھذه المظاھر تبدو العقلانیة العلمیة مع أينشتاين تصديقا لحلم القدماء وطموحھم لفھم الواقع إنطلاقا من الفكر الخالص نص أينشتاين العقل الخالص قادر على معرفة الواقع إن كانت التجربة في بداية معرفتنا للواقع وفي نھايتھا فأي دور يتبقى للعقل في العلم إن نسقا كاملا من الفیزياء النظرية يتكون من مفاھیم وقوانین أساسیة للربط بین تلك المقاھیم والنتائج التي تشتق منھا بواسطة الاستنباط المنطقي وھذه النتائج ھي التي يجب أن تتطابق معھا تجاربنا الخاصة ھكذا نكون قد عینا لكل من العقل والتجربة موقعه ضمن نسق الفیزياء النظرية فالعقل يمنح النسق بنیته أما معطیات التجرية وعلاقاتھا المتبادلة فیجب أن تطابق بدقة نتائج النظرية

وتستند قیمة مجموع النسق وتبريره على إمكانیة ذلك التطابق فقط وبالضبط التطابق بین المقاھیم الأساسیة والقوانین القاعدية والا بقیت مجرد إبداعات حرة للعقل البشري دون أي مبرر قبلي سواء من طبیعة العقل البشري أو من أية طبیعة كانت وتمثل المقاھیم والقوانین الأساسیة التي لا يمكن الدفع باختزالھا المنطقي أكثر الجزء الضروري في النظرية والذي لا يمكن استنباطه عقلیا ولا شك أن الھدف الأسمى لكل نظرية ھو العمل على تبسیط وتقلیص عدد تلك العناصر الأساسیة غیر القابلة للاختزال قدر الإمكان دون أن يعني ذلك التخلي عن إمكانیة تمثیل ولو معطى واحدا من التجربة تمثیلا ملائما إنني متیقن أن البناء الرياضي الخالص يمكننا من اكتشاف المقاھیم والقوانین التي تحكمھا والتي تمكننا من مفتاح فھم الظواھر الطبیعیة طبعا يمكن للتجربة أن ترشدنا في اختیار المفاھیم الرياضیة التي سنستعملھا إلا أنھا لا يمكن أن تكون ھي المنبع الذي تصدر عنه صحیح أن التجربة تمثل معیار المنفعة الوحید للبناءات الرياضیة في للفیزياء بید أن المبدأ الخلاق الحقیقي يوجد في الرياضیات وبمعنى ما إني أصادق على أن الفكر الخالص قادر على فھم الواقع كما كان يحلم بذلك القدماء la methode de la physique theorique 1933 A Einstein sur T1 Hatier 1989 p367 Cit par LHansen-love et F Khoddos Philosophie erminale 2- المعرفة العلمیة معقولةولكنھا لیست عقلانیة ولكن ألا يسقطنا موقف إينشتاين في مزالق تصور مثالي للعقلانیة العلمیة وھو المنزلق الذي يتھدد كل التصورات العقلانیة قديما وحديثا وذلك عندما يعتقد أن للعقل قوة خاصة به يكتشف بواسطتھا القوانین العامة للعالم الفزيائي ألا ينبغي التشديد بالمقابل على الخاصیة التجريبیة للعقلانیة العلمیة يرى رايشنباخ أن المعرفة العلمیة معقولة ولكنه ينكر أن تكون عقلانیة إذا فھم من ھذه الأخیرة ذلك المذھب الفلسفي الذي تجعل العقل مصدرا لمعرفة العالم الفیزيائي إن المعرفة العلمیة معقولة لأنھا تستخدم العقل مطبقا على مادة الملاحظة مادام أن الملاحظة التجريبیة ھي مصدر للحقیقة عند رايشنباخ وغیرھم من فلاسفة الوضعیة المنطقیة لكنھا لیست عقلانیة لأنھا لا تتخد العقل مصدرا للمعرفة التركیبیة المتعلقة بالعالم ويرى رايشنباخ أن القرنین التاسع عشر والعشرين قد ھیأ أخیرا وسائل تنفید برنامج الفلسفة التجريبیة القائل بأن كل حقیقة تركیبیة تستمد من الملاحظة وأن كل امايسھم به العقل في المعرفة ذو طبیعة تحلیلیة وإذا كانت نجاحات المنھج الفرضي الاستنباطي في الرياضیات وفي الفیزياء اللنظرية تغذي ضروب الثقة في العقل فإن رايشنباخ لايفوته أن يعتبر علماء الرياضیات أكثر من غیرھم عرضة للسقوط في تصور صوفي مثالي للعقلانیة العلمیة لما يعاينونه في علمھم من نجاح لمنھج الاستنباط المنطقي والاستبصار العقلي المستغني عن الإدراك الحسي إن الرياضیات شأنھا شأن المنطق معرفة تحلیلیة بید أن معرفة الواقع الفیزيائي تستدعي معرفة تركیبیة لا غنى لھا عن الملاحظة وھكذا ينتھي الوضعیة إلى تصور quotأقل عقلانیةquot للعقلانیة العلمیة نص ھانز رايشنباخ المعرفة العلمیة معقولة ولیست عقلانیة يطلق على نوع الفلسفة التي تجعل العقل مصدرا لمعرفة العالم الفیزيائي إسم المذھب العقلي وينبغي أن نمیز بدقة بین ھذا النمط وكذلك الصفة المشتقة منه وھي عقلاني وبین لفظ معقول فالمعرفة العلمیة يتم التوصل إلیھا باستخدام مناھج معقولة لأنھا تقتضي استخدام العقل مطبقا على مادة الملاحظة غیر أنھا لیست عقلانیة إذ أن ھذه الصفة لاتنطبق على المنھج العلمي وإنما على المنھج الفلسفي الذي يتخد من العقل مصدرا للمعرفة التركیبیة المتعلقة بالعالم ولايشترط ملاحظة لتحقیق ھذه المعرفة وفي كثیر من الأحیان يقتصر إسم المذھب العقلي في الكتابات الفلسفیة على مذاھب معینة في العصر الحديث بینما يطلق على المذاھب ذات النمط الأفلاطوني اسم المثالیة تمییزا لھا عن السابقة على أننا سوف نستخدم اسم المذھب العقلي بالمعنى الواسع دائما بحیث يشمل المثالیة ويبدو أن لھذا الجمع ما يبرره لأن نوعي الفلسفة متماثلان من حیث إنھما ينظران إلى العقل على أنه مصدر مستقل لمعرفة العالم الفزياثي ويبدو من المفھوم أن العالم الرياضي يكون أكثر من غیره تعرضا للتحول إلى المذھب العقلي ذلك أنه حین يدرك مدى نجاح الاستنباط المنطقي في مجال لا يحتاج إلى الرجوع إلى التجربة تكون النتیجة نظرية للمعرفة تحل فیھا أفعال الاستبصار العقلي محل الإدراك الحسي ويعتقد فیھا أن للعقل قوة خاصة به يكتشف بواسطتھا القوانین العامة للعالم الفزيائي وعندما يتخلى الفیلسوف عن الملاحظة التجريبیة بوصفھا مصدرا للحقیقة لا تعود بینه وبین النزعة الصوفیة إلا خطوة قصیرة فإذا كان في استطاعة العقل أن يخلق المعرفة فإن بقیة النواتج التي يخلقھا الذھن البشري يمكن أن تعد بدورھا جديرة بأن تسمى معرفة ومن ھذا المفھوم ينشأ مزيج غريب من النزعة الصوفیة والنزعة الرياضیة ھانز رايشنباخ نشأة الفلسفة العلمیة ترجمة فؤاد زكرياء المؤسسة العربیة للدراسات والنشر بیروت - ط 1979 - 2 ص 41 - 40 نقلا عن quotمباھج الفلسفةquot

خلاصة رأينا أن التفكیر في طبیعة العقلانیة العلمیة يقود إلى مراجعة الطابع القبلي الثابت لمبادئ العقل لكنه يفتح مجددا السجال بین النزعتین العقلانیة والتجريبیة وقد اتخدت ھذه الأخیرة إسم الوضعیة المحور الثالث معايیر علمیة النظريات لنتأمل للمرة الأخیرة عبارة quotعلم تجريبيquot ولنسأل أنفسنا متى تكون نظرية ما علمیة والجواب البديھي عندما تطابق الواقع ويتم التحقق منھا بواسطة التجربة وھو جواب صحیح إلى حد بعید مادام الواقع الذي يحاوره العلم من خلال التجريب ھو موضوع وھدف النظريات العلمیة ولكن بأي معنى يتم التحقق من النظريات العلمیة وھل ھذا التحقق ممكن في جمیع الأحوال وماھي حدود التحقق إذا علمنا أن التعمیم الذي يمیز القوانین التتي توحدھا النظرية قائم على استقراءات ناقصة ألا ينبغي القول أن معیار صلاحیة النظرية ھو قابلیتھا للتكذيب وصمودھا في وجه اختبارات ممحصة تستھدف تزيیفھا باستمرار ولكن لماذا تطرح الإبستملوجیا أصلا السؤال حول علمیة النظريات عندما ترغب في تمییز العلم عن اللاعلم يظھر ذلك عند الوضعیین في رغبتھم تمییز العلم عن المیتافیزيقا وكذا عند كارل بوبر في رغبته تمییز العلم عن أشباه العلم مثل الماركسیة والتحلیل النفسي 1- تكمن صلاحیة النظرية العلمیة في اجتیازھا الناجح لاختبار التحقق التجريبي يتحدد معیار صلاحیتھا انطلاقا من وظیفتھا لايقبل دوھیم كغیره من الوضعیین إسناد مھمة التفسیر للنظرية لأن التفسیر -كما يدل على ذلك الأصل اللاتیني لھذه الكلمة - يقتضي من النظرية أن تكشف النقاب عن الواقع الحقیقي الذي يتوارى خلف المظاھر التي تكممھا وتربط بینھا القوانین التجريبیة وبذلك تقع النظرية تحت سلطان المیتافیزيقا إذا لم يكن درو النظرية ھو التفسیر فمادورھا إذن يتوقف دور نظرية علیمة جديرة بھذا النعت عند مستوى الوصف بحیث تعبر بأكبر مايمكن من الدقة والبساطة عن مجموعة من القوانین التجريبیة وبذلك فإن مھمة النظرية الفیزيائیة ووظیفتھا ھي اقتصاد المجھود الذھني وإضفاء النظام على القوانین التجريبیة وجعلھا أسھل تناولا ولو أخدنا فیزياء البصريات على سبیل المثال سنجد أن الاختزال والبساطة توجدان على مستوى القانون التجريبیي ذاته الذي يقیم علاقة رياضیة بین الشعاع الساقط والشعاع المرتد والمستوى مختزلا بذلك حالات إنعكاس الضوء اللامتناھیة ثم يزداد التوحید والتبسیط مع النظرية البصرية optique therie التي تجمع مختلف قوانین الظواھر البصرية إذا صح أن النظرية وصفیة فمامن شك في أن معیار صلاحیتھا يتحدد أساسا في تطابقھا مع ماتدعي وصفه أي في اجتیازھا الناجح لاختبار التحقق التجريبي بید أن دوھیم لايھمل معیار الاتساق المنطقي في مرحلة الصیاغة والمعالجة الرياضیة لمبادئ ومكونات النظرية وربط الفرضیات بالمبادئ بید أن قیمة ھذا الاتساق تتحدد في نھاية المطاف بمدى تطابق النتائج مع القوانین التجريبیة آخدين بعین الاعتبار ماتسمح به أدوات القیاس من دقة نسبیة نص بییر دوھیم وظیفة النظرية العلمیة ھو الوصف ومعیار صلاحیتھا تطابقھا مع ما تصف نبدأ أولا بفحص الموقف الذي يجعل من التفسیر غاية النظرية الأصل اللاتیني لكلمة تفسیر يعني تعرية الواقع من المظاھر التي تحجبه لرؤيته مباشرة وجھا لوجه بید أن ملاحظة الظواھر الفیزيائیة لاتضعنا أمام واقع يختبئ خلف المظاھر الحسیة بل أمام ھذه المظاھر نفسھا منظورا إلیھا من زاوية خاصة وملموسة والقوانین التجريبیة لاتستھدف حقیقة الواقع الماديبل ھذه النظاھر نفسھا لكن بشكل مجرد وعام لو قبلنا أن النظرية الفیزيائیة تفسیر فلن تبلغ ھذه النظرية ھدفھا مالم تزح جانبا كل المظاھر الحسیة لتمسك بالواقع الفیزيائي الحقیقي وھكذا فأبحاصث نیوتن حول تشتت الضوء مثلا إن اعتبار النظرية الفیزيائیة كتفسیر افتراضي للواقع المادي يترتب عنه جعل ھذه النظرية تابعة للمیتافیزيقا وبذلك فعوضا عن إعطائھا شكلا تقبله مجموعة كبیرة من المفكرين فإننا نجعل القبول مقتصرا على أو لئلك الذين يعترفون بالفلسفة التي تدعي ھذه النظرية الفیزيائیة الانتماء إلیھا ألا يمكننا أن نعین للنظرية الفیزيائیة موضوعا تصبر بمقتضاه مستقلة آعن كل میتافیزيقا ألا يمكننا لبناء نظرية فیزيائیة إيجاد منھج مكتف بذاته إن النظرية الفیرياثیة لیست تفسیرا إنھا نسق من القضايا الرياضیة المسنبئطة من عدد قلیل من المبادئ غايتھا أن تمثل تماما وببساطة وبصورة صحیحة ما أمكن ذلك مجموع القوانین التحريیة ولتدقیق ھذا التعريف نقوم بتحديد خصائص العملیات المتتالیة الأربع التي تكون النظرية الفزيائیة ا من بین الخصائص الفیزيائیة التي نقترح عرضھا نختار تلك التي ننظر إلیھا كخصائص بسیطة والتي من المفروض أن تكون الخصائص الأخرى عبارة عن تجمیعات أوتركیبات لھا وسنقابلھا وذلك باستعمال طرق قیاس ملآثمة بما يناسبھا من رموز رياضیة وأعداد ومقادير ھذه الرموز الرياضیة لیست لھا أية علاقة طبیعیة مع الخصائص التي تمثلھا وانما لھا معھا علاقة دال بمدلول وبواسطة طرق القیاس يمكننا أن نقابل كل حالة فیزيائیة بقیمة للرمز الممثل لھا والعكس بالعكس 2 نربط بین مختلف أنواع المقادير التي أدخلت ھكذا بواسطة عدد قلیل من القضايا تسختدم كمبادئ لاستئنطاتھا ھذه المبادئ يمكن تسمیتھا فرضیات بالمعنى الأصلي للكلمة لأنھا في الحقیقة أسس سیقوم علیھا بناء النظرية لكنھا لا تدعي

بأي حال من الأحوال التعبیر عن العلاقات الحقیقیة بین الخصائص الواقعیة للأجسام ھذه القضايا يمكن إذن أن توضع بطريقة اعتباطیة والحاجز الوحید الذي لا يمكن تخطیه مطلقا ھو التناقض المنطقي إما بین حدود نفس الفرضیة واما بین مختلف فرضیات نفس النظرية 3 إن مختلف مبادئ وفرضیات نظرية ما تتركب فیما بینھا حسب قواعد الاستنباط الرياضي وخلال ھذه العملیة لا يكون العالم الفیزيائي مطالبا إلا بإرضاء مقتضیات المنطق الجبري إن المقادير التي تقع علیھا حسابات العالم الفیزيائي المذكور لا تدعي بتاتا أنھا وقائع فزيائیة والمبادئ التي يستند إلیھا في استنباطاته لا يمكن أخذھا على أنھا تعبیر عن علاقات حقیقیة بین ھذه الوقائع فغیر مھم إذن أن تكون العملیات التي ينجزھا تتناسب أولا تتناسب مع التغییرات الفزيائیة الواقعیة 4 إن مختلف النتائج التي استخرجناھا ھكذا من الفرضیات يمكن ترجمتھا إلى ما يناسبھا من أحكام تتعلق بالخصائص الفزيائیة للأجسام والمناھج الخاصة بتعريف وقیاس ھذه الخصائص الفیزيائیة تكون بمثابة اللغة أو المفتاح الذي يسمح بتلك الترجمة ھذه الأحكام نقارنھا مع القوانین التجريبیة التي تروم النظرية تمثیلھا فإذا توافقت الأحكام مع القوانین تكون النظرية قد أصابت ھدفھا وأثبتت صلاحیتھا والا كانت غیر صالحة ومن ثم وجب تعديلھا أو رفضھا وھكذا فالنظرية الصحیحة لیست كك التي تعطي عن المظاھر الفیزيائیة تفسیرا مطابقا للواقع بل النظرية الصحیحة ھي التي تعبر بطريقة مرضیة عن مجموعة من القوانین التجريبیة والنظرية الفاسدة لیست محاولة تفسیرية معتمدة على فرضیات مناقضة للواقع بل ھي عبارة عن مجموعة قضايا لا تتوافق مع القوانین التجريبیة إن الاتفاق مع التجربة يشكل بالنسبة للنظرية الفیزيائیة المعیار الوحید للحقیقة إن التعريف الذي قمنا بعرضه بصفة مجملة يمیز في النظرية الفیزيائیة أربع عملیات أساسیة تعريف المقادير الفیزيائیة وقیاسھا 2 اختبار الفرضیات 3 الاستنتاجات الرياضیة من النظرية 4 مقارنة النظرية بالتجربة بییر دوھیم النظرية الفیزيائیة موصوعھا وبنیاتھا منشورات ريفییر 1914 ص ص 26-23 1- تكمن صلاحیة النظرية العلمیة في قابلیتھا للتكذيب يبدو معیار الاختبارية أو التحقق التجريبي معیارا مقبولا لولا أن تاريخ العلم نفسه يشھد بأن ھذا الشرط لاتستوفیه النظريات العلمیة دوما يرى كارل بوبر أن الوقائع لا تفرز النظريات بل تحد من عددھا أي تكشف زيف النظريات الخاطئة أكثر مما تكشف صحة التظريات الصحیحة وتلتقي ھذه الفكرة مع ملاحظة إينشتاين مفادھا أن التجربة تجیب دائما على الأسئلة التي نطرحھا علیھا ب quotلاquot وأحیانا quotربماquot ويتلخص مبدأ قابلیة التكذيب في أن كل تعمیم علمي تجريبي فرضا كان أو نظرية أو نسقا يعتمد على استقراءات ناقصة غیر تامة فیكون قابلا للتكذيب من حیث المبدأ طالما أنه من الممكن منطقیا وجود قضیة أو عدة قضايا تجريبیة تند عن ذلك التعمیم أو لا تكون مواتیة له بحیث لو صدقت لاستلزم ذلك كذب التعمیم وھكذا فعبارة quotكل البجع أبیضquot الصادقة في حالات كثیرة لاتستبعد منطقیا إمكانیة العثور على بجعة سوداء تزيف ذلك التعمیم وطالما أن النظريات العلمیة ھي من قبیل التعمیمات الكلیة فلا يمكن منطقیا البرھنة على صحتھا ولكن يمكن فقط إظھار أنھا كاذبة واختبار النظرية إنما يعني وضعھا موضع المخاطرة والمخاطرة لا تكمن في التنبؤ إيجابیا بوقائع معینة بل استبعاد حدوث وقائع أخرى باعتبارھا غیر ممكنة الوقوع فإذا ما حدث عكس ذلك بالفعل فانه ينبغي في ھذه الحالة رفض النظرية أو إعادة صیاغتھا من جديد إن النظرية لاتكون علمیة إلا إذا تضمنت تنبؤا بإمكانیة حدوث وقائع معینة واستبعادا لحدوث وقائع أخرى بمعى آخر ينبغي أن تنص النظرية العلمیة على أن طائفة من الوقائع لايمكن أن تحدث ولو حدثت ھذه الوقائع فذلك يعني تزيیف النظرية وھذا شر ط لاتستوفیه نظريتا التحلیل النفسي والماركسیة مثلا لأنھما تسعیان إلى إدماج وتأويل كل الوقائع الممكنة تحت معطف النظرية بحیث لاتوجد واقعة تند عن التفسیر الذي تقترحه مثل ھذه النظريات نص كارل بوبر معیار قابلیة التكذيب أن كل عالم يدعي أن الملاحظة أو التجربة تدعم نظريته يجب أن يكون على استعداد لأن يطرح على نفسه السؤال التالي ھل أستطیع وصف أي نتائج محتملة للملاحظة أو التجربة والتي إذا بلغناھا بالفعل يمكن أن تفند نظريتي إذا لم يكن ھذا ممكنا فمن الواضح أن نظريتي لیست نظرية تجريبیةأنه إذا اتفقت كل الملاحظات المتصورة مع نظريتي فلن يجوز لي حینئذ الزعمبأن أي ملاحظة معینة تعطي تدعیما تجريبیا لنظريتي أو باختصار لن أستطیع الزعم بأن نظريتي لھا خاصیة النظرية التجريبیة إلا إذا كنت أستطیع أن أقول كیف يمكن تفنید نظريتي أو تكذيبھإ 01ء وھذا المعیار للتمییز بین النظريات التجريبیة والنظريات اللاتجريبیة قد أطلقت علیه أيضا معیار القابلیة للتكذيب أو معیار القابلیة للتفنید ولا يتضمن ھذا أن النظريات غیر القابلة للتفنید كاذبة ولا يتضمن أنھا خلو من المعنى على أنه يتضمن أن نظرية معینة تعد واقعة خارج مجال العلم التجريبي قدر ما لا تستطیع وصف كیف يمكن أن يأتي التفنید المحتمل لھا معیار القابلیة للتفنید أو القابلیة للتكذيب يمكن أيضا أن نطلق علیه معیار القابلیة للاختبار ذلك أن اختبار النظرية تماما كاختبار جزء من آلة میكانیكیة يعني محاولة تبین العیب فیھا وبالتالي فإن النظرية التي نعرف مقدما أنه لا يمكن تبیان العیب فیھا أو

تفنیدھا ھي نظرية غیر قابلة للاختبار 02ء وينبغي أن نستبین بجلاء أن ھناك أمثلة عديدة في تاريخ العلم لنظريات تكون غیر قابلة للاختبار في مراحل معینة من تطور العلم لكنھا تغدو قابلة للاختبار في مرحلة لاحقة 03ء إن معیار القابلیة للتفنید أو القابلیة للتكذيب أو القابلیة للاختبار مجرد خطوة أولى لحل مشكلة بیكون04 وكما رأينا تقطع ھذه الخطوة بأن يسأل العالم الذي يدعي أن الملاحظة أو التجربة تدعم نظريته ھل نظريتك قابلة للتفنید وما ھي التجربة أو الملاحظة التي قد تتوقعھا كتفنید لھا إذا كانت الإجابة عن ھذين السؤالین مرضیة حینئذ وحینئذ فقط يمكن أن نستأنف المسیر لقطع الخطوة الثانیة في حلنا لمشكلة بیكون إنھا تتلخص في الآتي يمكن قبول الملاحظات أو التجارب كتأكید للنظرية أو الفرض أو التقرير العلمي فقط إذا كانت ھذه الملاحظات أو التجارب اختبارات قاسیة للنظرية أو بعبارة أخرى فقط إذا ما كانت قد نجعت عن محاولات جادة لتفنید النظرية وخصوصا عن محاولة اكتشاف العیوب حیثما نتوقعھا في ضوء معارفنا بأسرھا بما فیھا معارفنا بالنظريات المنافسة وأعتقد أن ھذا من حیث المبدأ يحل مشكلة بیكون يتلخص الحل في الآتي الاتفاق بین النظرية والملاحظة لا يعد شیئا ما لم تكن النظرية قابلة للاختبار05 وما لم يكن الاتفاق قد تم التوصل إلیه كنتیجة لمحاولات جادة لاختبار النظرية على أن اختبار النظرية يعني محاولة إيجاد نقاط الضعف فیھا إنه يعني محاولة تفنیدھا وتكون النظرية قابلة للاختبار إذا كانت من حیث المبدأ قابلة للتفنید 06ء كارل بوبر أسطورة الإطار ترجمة يمنى طريف الخولي سلسلة عالم المعرفة ع292 يناير 2003 الكويت ص ص 117-115
abdesalamahrbil
أرسلت .
- الملفات : الملفات.
- المستوى : الثانية باكالوريا.
- المادة : الفلسفة.
كلمات مفتاحية :
النظرية والتجربة
النظرية والتجربة