مجزوءة المعرفة

المعرفة- النظرية و التجريب التجربة والتجريب العقالنية العلمية معايير علمية النظريات العلمية - يحيلنا الحديث عن علمية النظريات العلمية الى التساءل عن معاييرها لقد شكل هذا السؤال متار جدل بين األطروحات و التصورات المختلفة ينظم quot اينشتاينquot الى هذا السجال ويعتبر ان التجربة ال تشكل بمعناها الكالسيكي أساس المعرفة العلمية بل تشكل عائق ابستملوجيا يحول دون بناء المعرفة العلمية وتقدمها فالمعرفة العلمية المعاصرة أصبحت تقوم على مقدمات العمل الرياضي القائم على االستنباط و االستنتاج و التماسك المنطقي الرياضي بحيث تكون نتائج هذا النسق الرياضي متطابقة مع التجربة يمكن أن نفهم ذلك من خالل المعرفة العلمية المعاصرة ويقوم تصور quotدوهيمquot على ان النظرية ال تعتمد على معطيات التجربة وحدها فصدق وصالحية النظرية العلمية يرتبط بكونها نسق القضايا الرياضية ويمكن إجمال هذه القضايا الرامية إلى مبادئ اعتماد الرموز الرياضية في قياس الوقائع الفيزيائية وصياغة الرياضية واعتماد قواعد التحليل والمقاربة بين المعطيات الرياضية مع الوقائع التجريبيةوان معيار صدق وصالحية النظرية يتميز بعدم وجود تناقض بين االفتراضات والنتائج المستنبطة منها وعليه فان االتفاق مع التجربة هو الذي يشكل بالنسبة للنظرية الفيزيائية المعيار الوحيد للحقيقة - ماهي األسس التي تقوم عليها النظريات العلمية وبالتالي ماهي التحوالت التي طالت العقل والعقالنية العلمية وأخيرا كيف تتحدد العقالنية العلمية بين المعرفة العلمية والكالسيكية والمعرفة العلمية المعاصرة لقد شكل هذا السؤال متار جدل ابستيمولوجي بين األطروحات و التصورات االبستيمولوجية المختلفة ينطلق quotجون بيير فرنارquot من مسائلة طبيعة العقل وأصوله إذ يعتبره ظاهرة بشرية ومن ثم فهو خاضع في تطوره للشروط التاريخية إن العقل إذن محايث بالتاريخ فهو ال يقع على هامش التاريخ بل هو مرتبط بالصيرورة التاريخية والتحوالت التي تلحق مسار المعرفة العلمية وفي هذا اإلطار نجد quotجون بيير فرنارquotيحدد لنا طبيعة العقل بين العقالنية الكالسيكية والعقالنية المعاصرة تتحدد طبيعة العقل في العلم الكالسيكي بإعتباره بنية قبلية ثابتة فهو إذن جوهر متعال مطبوع بالصرامة والثبات واالنغالقولعل هذا ما يمكن أن نلمسه في العقالنية الكالسيكية التي كانت تنهض على مفاهيم مثل الثبات الصرامة االطالقية واالنغالقلقد اصبح العقل المعاصر يعبر عن الروح العلمية المعاصرة التي شكلت قطيعة ابستيمولوجية مع التقنيات والمطلقات الكالسيكيةفالعقالنية المعاصرة أصبحت أكثر انفتاحا ومرونة ونسبية الشيء الذي جعل العقل المعاصر يتشبع بهذه الروح العلمية المعاصرة في ذات السياق يندرج تصور المفكر quotمحمد أركونquot ضمن سياق النقاش االبستيمولوجي المرتبط بتطور العقل وانتقاله من عقل كالسيكي منغلق إلى عقل معاصر منفتح يميز quotاركونquot داخل صيرورة العقل الغربي بين 3 مراحل وهي مرحلة القرون الوسطى والمرحلة الحديثة أو الكالسيكية ثم المرحلة المعاصرة ففي القرون الوسطى كان العقل الغربي الهوتيا إذ كان بباء الكنيسة يحتكرون المعرفة الفلسفية أو العلمية أو الدينية وكانوا يطبعونها بطابع ديني الهوتي يعبر عن تعاليم الكنيسة إال أن العقل في األزمنة الحديثة قد بدأ يتحرر من سلطة الكنيسة و رجال الدين وهكذا عرف العقل تحوال في مساره وفي منطقه و أسسه وهذا ما مثله فالسفة محدثون كديكارت و سبينوزا بحيث خلصوا العقل من طبيعته الالهوتية في هذا السياق ينخرط quot أولمو quot الذي يميز بين أسس العقالنية الكالسيكية والعقالنية المعاصرة فبالرغم من الشك الديكارتي والنقد الكانطي ظل العقل الكالسيكي عقال ثابتا مطلقا يقينيا ال ينمو وال يتطور انه جوهر متعالي او بنية فكرية قبلية بخالف ذلك عرف العقل في العقالنية المعاصرة تحوال في طبيعته جعله عقال متطورا ديناميا نشيطا وفعاال انه عقل يعبر عن النشاط والفعالية المرتبطة بالممارسة اإلنسانية - إن الحديث عن النظرية داخل الممارسة العلمية يقتضي منا الوقوف عند عدة تساؤالت ذات طبيعة ابستيمولوجية ومن بين هذه التساؤالت يستوقفنا سؤال الفرق أو ما هو الفرق بين مفهومي التجربة والتجريب يعتبر الفيلسوف الفرنسي quotألكساندر كويريquot ان التجربة تعبير عن نوع من الحس التجريبي ولو اعتبرت السمة االساسية للعلم الكالسيكي فهي مع ذلك تظل تشكل معطا غامضا اذ ان التجربة بمعنى العام المالحظة العامية فهي لم تشكل سوى عائق ابستيمولوجي يحول دون تقدم المعرفة العلمية في حين يشكل التجريب نوعا من المساءلة المنهجية للطبيعة فهو إذن نقطة تقاطع بين ما هو امبريقي تجريبي و ما هو رياضي عقلي ان التجريب اذن يمكننا من انشاء فكرة واضحة حول الواقع اعتمادا على استبداالت علمية رياضية لعل ما اصبح يميز الممارسة العلمية المعاصرة هو هذا التوجه نحو ما هو عملي و هو توجه يفترض اعتماد التجريب كمنطلق لفهم الواقع بناءا على مقدمات رياضية في ذات السياق ينظم الرياضي الفرنسي المعاصر quot رونيه تومquot الى النقاش االبستيمولوجي الدائر حول اشكالية التجربة والتجريب داخل النظرية العلمية بحيث يميز بين التجربة والتجريب فإذا كانت التجربة في العلم الكالسيكي تعني التكرار فإن التجريب يعني بناء التجربة وفق ادوات وشروط علمية دقيقة يلخصها في الشروط التالية 1 عزل الظاهرة ويقتضي بذلك مختبرا علميا مجهزا 2 اعتماد وسائل علمية تجريبة 3 احداث تأثيرات طاقية او كيميائية على الظاهرة المدروسة بهدف رصد ردود فعلها 4 تسجيل مجمل التغيرات التي تظهر على الظاهرة المدروسة باإلعتماد على هذه الخطوات يتسنى للعالم االنتقال من التجربة بمعناها الكالسيكي الى التجربة بمعناها المعاصر أي االنتقال الى التجريب الذي يخول للعالم بناء النظرية العلمية في ذات السياق يعدد الفيزيولوجي الفرنسي quotكلود برنارquot التجربة بإعتبارها خطوة تتحقق من خاللها الفكرة او اإلفتراض القبلي الذي يبنيه العالم حول ظاهرة ما وفي هذا االطار ميز الفيلسوف داخل المنهج التجريبي بين الخطوات التالية 1 المالحظة وداخل المالحظة يمكن ان نميز بين المالحظة العامية والمالحظة العلمية 2 الفرضية وهي الفكرة التي يكونها العالم حول ظاهرة ما وداخل الفرضية يمكن ان نميز بين الفرضية التخميمية والفرضية العلمية 3 التجربة وهي المحك الذي نختبر من خالله الفرضية فإذا ثبت صدقها تحولت من فرضية تخميمية الى فرضية علمية 4 استنتاج وصياغة القانون وهي الخطوة التي ينتمي اليها العالم من استخالص النتائج العلمية وبناء القوانين النظرية اعتبارا لهذا سنجد كلود برنارد يلخص هذه الخطوات في قوله ان الفكرة التي تبلورت من خالل الوقائع هي التي تمثل العلم اما الفرضية التجريبية فليست سوى فكرة علمية متصورة ان النظرية ليست شيئا عذا الفكرة العلمية المراقبة من طرف التجربة المعرفة- الحقيقة الرأي والحقيقة معايير الحقيقة الحقيقة بوصفها قيمة - اذا كانت الحقيقة هي الغاية التي يسعى اليها االنسان بحيث وضف جملة من الخطابات المعرفية لبلوغها فبقي السؤال مطروحا ماهي قيمة الحقيقة يؤسس quotوليام جيمسquot في تصوره لقيمة الحقيقة من خالل اعتبارها مرتبطة بالمنفعة فالحقيقي هو المفيد لفكرنا والصائب لسلوكنا لقد اسس quotوليام جيمسquot تصوره هذا من خالل نقد الفلسفات الكالسيكية المثالية منها والمادية فاذا كان الفالسفة المثاليون يجعلون الحقيقة غاية في ذاتها تطلب لنفسها فان وليام يرى ان قيمة الحقيقة تمكن في اعتبارها مجرد وسيلة لتحقيق غايات اخرى تتمثل في المنفعة والمصلحة قد يتفق quotوليامquotمع الفالسفة الماديين فاذا كان الفالسفة الماديون يتجهون رأسا الى الواقع التام فانquotوليام جيمس quotيرى وجوب فحص هذا الواقع عبر تحليله والتفاعل معه من اجل استخالص ماهو نافع لفكرنا ومفيد لسلوكنا هكذا اذن فالحقيقة حسب الفلسفة البراغماتية تكمن قيمتها في منفعتها يؤسس الفيلسوف quotكيير كجارquot تصوره حول قيمة الحقيقة من خالل اعتبارها غاية في ذاتها وهذا ما يجعلها تتحول إلى قيمة أخالقية تسعى إلى بلوغ الفضيلة خارج أي منفعة للبرهنة على تصوره يسوق quotكيير كجارquot مثال سقراط الذي ندب حياته للبحث عن الحقيقة في ذاتهالقد جسد المشروع السقراطي دفاعا عن الحقيقة عبر مناهضته للقول السوفسائي القائم على المنفعة بحيث يعتبر السوفسائيون الحقيقة هي حقيقة ذاتية نسبية ومتعددة انها ترتبط باالنسان الذي يشكل مقياس كل شيءان هذا التعدد يجعلنا امام ضياع للحقيقة وهذا مادفع سقراط الى تكريس مشروعه الفلسفي للدفاع عن الحقيقة في ذاتها فهي مطلب يطلب في ذاته و غاية يسعى االنسان إلى بلوغها خارج أي حساب للمردودية او المنفعة بهذا تتحول الحقيقة إلى فضيلة كبرى تحمل بعدا اخالقيا اليسعى اال إلى بلوغ الحقيقة في ذاتها ينخرط الفيلسوف االلماني quotفدريك نتشهquot ضمن هذا النقاش المتعلق بقيمة الحقيقة فأسس تصوره حول قيمة الحقيقة اذ انها ال تعدو في اخر المطاف ان تكون مجرد أوهام فالحقيقة هي جملة من االستعارات والكنايات والمجازات اللغوية التي التعبر عن حقيقة الواقع فبكثرة استعمالها تحولت تلك االستعارات الى حقيقة تحل محل الواقع هكذا يؤسس quotنتشهquot تصوره للحقيقة بأعتبارها جملة من االوهام نعتقد في انها حقيقة يستعملها العقل بوازع الدفاع عن استمرارية الحياة وبقاءها - ان الحديث عن الحقيقة يدعونا إلى الحديث عن معاييرها فما هي معايير الحقيقة والصدق واليقين هل تكمن في مطابقتها للتجربة والواقع أم ترتبط بالبداهة و التمايز أم تقترن باألحكام المنطقية الصورية إذا كان quotديكارتquot يحدد األفكار الدقيقة من خالل توفرها على خصائص البداهة الوضوح التمايز والبساطة اذ يقول ال نقبل إال االفكار الواضحة والمتميزة فان quotليبنزquot يرفض معاير البداهة والتمايز في االفكار الحقيقية اذ يقول ان الفكرة الحقيقية هي تلك التي تخضع للبرهنة واالستدالل المنطقي هكذا اذن فمعيار الصدق في االفكار هو بعدها المنطقي في ذات السياق ينخرط الفيلسوف االلماني quot كانط quot الذي يبحث عن معيار كوني للحقيقة فأين يكمن هذا المعيار الكوني هل في ماهو مادي ام في ماهو صوري يرى كانط بأنه من غير الممكن ان يوجد معيار مادى كوني للحقيقة ألن هذا االمر سيكون متناقدا في حد ذاته وذلك بالنظر الى الواقع المادي المتغير والمختلف بإستمرار ومن ثم يمكن ان يكون هذا المعيار الكوني للحقيقة اال معيارا صوريا بن ذاك تكون الحقيقة الصورية في مطابقتها للمعرفة ذاتها بغض النظر عن الموضوعات وعن االختالف بينها فالحقيقة الصورية ليست شيئا بخر سوى المعيار المنطقي والكوني التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها وعلى النقيد من هذا التصور يؤسس الفيلسوف الوضعي quotفتجنشتاينquotتصورا مختلفا فاذا كان ديكارت يربط معيار الحقيقة بالبداهة وكان ليبنز يربطه باالستدالل والبرهنة المنطقية وكان كانط يربطه بمعيار كوني صوري مطابق لمبادئ العقل فان فتجنشتاين يربط معيار الحقيقة بما هو واقعي تجريبي فاالفكار الحقيقية التكون كذلك اال اذا كانت معبرة عن الواقع وقابلة الختبارها تجريبيا فال وجود لتحقيقه خارج اطار الواقع واالختبار التجريبي - غالبا ما ينظر إلى الرأي كانطباع شخصي يكونه الفرد بناءا على ادراكاته الحسية المباشرة فالرأي اذن هو تعبير عن التجربة العامية المشتركة البعيدة عن التأطير النضري الدقيق ولهذا نجد العلماء يرفضون الرأي في حقل المعرفة وحقل الحقيقة العلمية ينطلق quotكانطquot في تصوره حول اشكالية العالقة بين الحقيقة والرأي من اعتبار ان الرأي ضروري لبناء المعرفة وبلوغ الحقيقة فالرأي في البدأ يكون اعتقادا انه مجرد انطباع شخصي يعبر عن قناعة ذاتية وفردية غير ان الرأي يكتسب طبيعة الحكم الكوني حيثما يتحول إلى رأي جماعي أي إلى اعتقاد تأمن به العقول بهذا يتحول إلى حكم يتسم بالكونية والضروة والموضوعية الشيء الذي يفضي بنا في اخر المطاف إلى اليقين والحقيقة هكذا اذن يؤسس كانط تصوره للحقيقة التي تبتدأ بالرأي وتمر باالعتقاد لتصل إلى اليقين يبين الفيلسوف quot ليبنز quot تصوره الشكالية العالقة بين الحقيقة والرأي للدفاع عن مفهوم الرأي الذي يعتبره ضروري في بناء كل معرفة انسانية كانت تاريخية او اجتماعية او سياسية او حتي برهانية كما هو االمر بالنسبة للعلوم البرهانية التي يشكل فيها االحتمال خاصية اساسية تبعا لهذا نجد ليبنز يربط بين الرأي واالحتمال وعليه فاذا كان االحتمال ضروري في بناء المعرفة البرهانية فان الرأي ضروري في بناء المعرفة التاريخية واالجتماعية اذن فالرأي يشكل مدخال نحو بلوغ اليقين والحقيقة - نتستنتج مما سبق بأن الراي في عالقته بالحقيقة قد شكل بؤرة اشكالية توزعت بإيزاءها المواقف الفلسفية والعلمية فاذا كان الفالسفة الكالسيكيون يعتبرون ان الرأي ضروري لبناء المعرفة وبلوغ الحقيقة وهذا ما اشار اليه كل من كانط وليبنز فإن الخطاب االبستيمولوجي العلمي المعاصر يقصي مفهوم الرأي ويعتبره مجرد عائق ابستيمولوجي يحول دون بناء المعرفة العلمية ودون بلوغ الحقيقة كما اشار الى ذلك غاستون باشالر المعرفة -مسألة العلمية في العلوم اإلنسانية مشكلة موضعة العلوم اإلنسانية التفسير والفهم في العلوم اإلنسانية مسألة نموذجية العلوم التجريبية - إذا كان المنهج الذي تسعى إليه العلوم اإلنسانية هو بلوغ درجة من العلمية توازي علمية موضوع علم االجتماع منهج علم االجتماع نظريات علم االجتماع العلوم الطبيعية أو الحقه فان ذالك يشكل مطمحا صعبا و ذلك بالنظر إلى االختالف في طبيعة موضوع العلوم الطبيعية الذي هو الظاهرة الطبيعية وموضوع العلوم اإلنسانية الذي هو ظاهرة إنسانية يندرجquotكارل بوبرquotضمن موقفه االبستيمولوجي الذي يرى ان العلوم اإلنسانية ال تخضع للتعميم والتجريب او التفسير وذلك بالنظر إلى خصوصيات الظواهر اإلنسانية التي تشكل موضوع العلوم اإلنسانيةينتقد كارل بوبر مطمح العلوم اإلنسانية في ان تضاهي العلوم الحقة وذلك بالنظر إلى اختالف طبيعة النظريات في العلوم اإلنسانية والنظريات في العلوم الحقة اذا كانت العلوم الحقة تبني علميتها من خالل قدرتها على التنبؤ والتفسير الن طبيعة الظاهرة الطبيعة هي طبيعة حتمية تنتظم فيها القوانين على عكس طبيعة الظاهرة اإلنسانية التي هي طبيعة حرة تتباين فيها قوانين وعليه ال يمكن للعلوم االنسانية ان تضاهي العلوم الحقة يوضح لنا تصور السوسيولوجي واالبستيمولوجي الفرنسيquotجوليان فروندquotذلك السجال الذي دار بين الجامعيين واالكادميين حول علمية العلوم اإلنسانية وهو سجال يستمد مضمونه من ذالك االختالف الحاصل بين موقفين ابستيمولوجيين متناضرين يؤسس كل موقف تصوره لعلمية العلوم االنسانية من خلفية ابستمولوجيا ونضرية مختلفة ينتهي quotمالينوفسكيquot الى االعتقاد بأن علمية العلوم االنسانية ال يجب ان تتحقق بمحاكات العلوم الحقة او استعارة منهجها التجريبي فاذا كانت العلوم الطبيعية قد حققت نجاحاتها الطبيعية حينما توفقت في اختيار منهج يالءم الظاهرة الطبيعية فمن االفيد للعلوم االنسانية ان تحقق استقالليتها وذلك بالبحث عن نجاحاتها العلمية من خالل ايجاد منهج يراعي خصوصية الظاهرة االنسانية ولعل هذا ما حققته بالفعل االنتربولوجيا حينما خلقت نمودج علمي خاص الذي يتالءم مع خصوصية الظاهرة االنسانية الثقافية - إن كانت موضعة الظاهرة اإلنسانية هو موضوع العلوم اإلنسانية فكيف يمكن ان نقارب ونموضع هذة الظاهرة االنسانية وبالتالي ما هي الصعوبات االبستيمولوجية التي تواجهنا في ذلك يؤسس الفيلسوف quotميشيل فوكوquot تصوره إلشكالية العلمية في العلوم اإلنسانية من خالل مشكلة موضع الظاهرة اإلنسانية إذ تعترضنا صعوبة في موضعة الظاهرة اإلنسانية بالقياس إلى الظاهرة الطبيعية اذا كانت الظاهرة الطبيعية تتحد بخصائص البساطة والقابلية للعزل والتكرار والتجريب مما يجعل دراستها ميسرة من الناحية العلمية فان الظاهرة اإلنسانية هي ظاهرة معقدة تتداخل في تكوينها جملة من األبعاد المحددات كالبعد النفسي واالقتصادي واالجتماعي والديني والتاريخي والثقافي وفضال على أنها ظاهرة حرة واعية ومتحركة وتمتلك كرامة الشيء الذي يجعلها أمام صعوبة مقاربتها وموضعتها بطريقة علمية ونجد الفيلسوف quotكلود ليفي ستورسquot يبين لنا موضعة الظاهرة اإلنسانية باعتبارها ظاهرة صعبة جدا تتمثل في التواصل بين الذات والموضوع فالعالم هو اإلنسان وموضوع الدراسة هي االنسان ومن ثم يحدث تداخل بين الذات والموضوع بين ال مال ح ظ و ال مال ح ظ الشيء الذي يغيب معه إمكانية تحقيق الموضوعية التي تشكل شرطا أساسيا في العلموهكذا يضل السؤال معلقا حول علمية العلوم اإلنسانية التي تصطدم بصعوبة تحقيق شرط العلمية المتمثل في الحياد والنزاهة والموضوعية يبلور quotدوفرينquot تصوره حول اشكالية العلمية في العلوم االنسانية انطالقا من مشكلة موضعة الظاهرة االنسانية اذ يعتبر ان االنسان ظل يشكل نقطة تقاطع العديد من الخطابات ولعل اهمها خطاب الفلسفة وخطاب العلوم االنسانية فكيف قاربت هذه الخطابات مفهوم االنسان لقد ظلت الفلسفة منذ القدم تنظر لألنسان كذات عارفة واعية ومفكرة بإمتياز الشيء الذي جعلها تعلي من شأن االنسان وتمجده كقيمة عليا لقد سعت العلوم االنسانية الى بناء مجدها واكتساب مشروعيتها العلمية على حساب االنسان الشيء الذي جعلها تغتال االنسان وتقتل خصوصياته النتمثلة في الوعي والحرية والكراهية - إذا كان علم االجتماع هو ذلك العلم الذي يهتم بالظاهرة االجتماعية نتساءل كيف يتم بناء النظريات في علم االجتماعبعبارة أخرى ما هي أبعادها وكيف تتفاعل تلك األبعاد في بناء نظرية اجتماعية دقيقة يؤسس quotبيار انصارquot تصوره حول إشكالية نظريات علم االجتماع من خالل افتراض ثالثة أبعاد تحدد بناء النظرية في علم االجتماع وهي أبعاد تتمثل في البعد االبستيمولوجي وهو اقامة مسافة ابستيمولوجية بينه وبين موضوع دراسته اما البعد النظريويقوم على تفسير الظواهر االجتماعية التي قاربة النظرية الماركسية او البنيوية وبين نظريات خاصة تركز على جوانب محددة من الظاهرة االجتماعية واخيرا هناك البعد المنهجي الذي يشتمل في ذاته على الطرائق والوسائل والتقنيات المستعملة في البح االجتماعي العلمي وينضم quotأيان كرايبquot إلى هذا النقاش المتعلق بإشكالية النظرية في علم االجتماع ويرصد األبعاد المختلفة وهي أبعاد تتمثل فيما هو عاطفي وتأملي ومعياري ولعل هذا التعدد النظري يتم عن خصوبة النظرية في علم االجتماع وهي خصوبة ترتبط بطبيعة الظاهرة االجتماعية التي تتسم باالختالف والتعدد والتنوعإن اعتماد المقاربة التعددية في النظرية االجتماعية كفيل بأن يؤدي بالباحث إلى استكشاف المناحي المتعددة للحياة االجتماعية - إذا كان كل علم يتحدد بمهجهإذ أن العلوم الطبيعية تتحدد بالمنهج التجريبي القائم على االختبار والتجريب والقياس والتفسيرفما هو المنهج الذي يعتمده علم االجتماع في دراسة موضوعه يندرج تصور quotالدرييرquot ضمن النقاش االبستيمولوجي حول إشكالية المنهج في العلوم اإلنسانية ويميز بين خصوصية موضوع العلوم التجريبية وخصوصية موضوع علم االجتماع فإذا كانت العلوم التجريبية تدرس األشياء وفق منهج تجريبي يتالءم مع الظاهرة الفيزيائية فان موضوع علم االجتماع هو الظاهرة االجتماعية ومن ثم تطرح إمكانية مقاربة الظاهرة االجتماعية بطريقة تجريبية وينخرط quotمارسل موسquot في هذا النقاش االبستيمولوجي حول إشكالية منهج علم االجتماع فإذا كانquot ايميل دور كايوquot ومن خالل المدرسة الوضعية قد اعتبر الظاهرة االجتماعية كشيء من األشياء ومن ثم يجب دراستها وفق المنهج التجريبي تماما كما وتضفه للفيزياءفان quotمارسلquotيرى بان موضوع علم االجتماع هو مختلف عن موضوع الفيزياء بحيث يلخص خطواته في ما يلي 1التعريف 2مالحظة الظواهر 3تنظيم الوقائع 4مراعات الخاصية العلمية للفرضية السوسيولوجية هكذا يمكن بناء منهج قادر على دراسة ومقارنة الظواهر االجتماعي مقارنة علمية - إذا كان كل علم يحدد بموضوعه فان علم إذن االجتماع يحدد هو كذلك بموضوعه فما موضوع علم االجتماع وكيف يمكن أن يحقق استقالليته عن باقي المواضيع األخرى في العلوم اإلنسانية كعلم النفس أو علم التاريخ أو علم االقتصاد او االنتروبولوجيا يثير هذا التصور عند quotريمون ارونquot االنتباه إلى صعوبة تحديد موضوع علم االجتماع فإذا كان موضوع علم االجتماع هو الظاهرة االجتماعية فإنها اذن ظاهرة معقدة تتداخل فيها األبعاد النفسية باألبعاد السياسية واالقتصادية والثقافية والدينية واللغوية الشيء الذي يجعل الظاهرة االجتماعية ظاهرة تتقاطع في دراستها عدة علوم كعلم النفس وعلم االجتماع وعلم االقتصاد وعلم السياسة وعلم اللغة واالنطروبولوحية إن هذا التداخل في الظاهرة االجتماعية والتقاطع في دراستها يثير جدال يتحول في اخر المطاف إلى جدل فلسفي عقيم مما يبعد علم االجتماع عن طموحه العلمي المتمثل في الدقة و الحياد والموضوعية ينطلق quotاميل دور كايمquotفي تصوره حول موضوع علم االجتماع من اعتباره موضوعا تتداخل فيه المعرفة بالتربية بالسياسة باألسرة بالمؤسسةإنها إذن جوانب تشكل موضوع علم االجتماع الذي هو الظاهرة االجتماعية اذا كان موضوع علم االجتماع هو الظاهرة االجتماعية فهي ظاهرة تتسم بطبيعتها الخارجية المستقلة عن وعي األفراد وإرادتهم فهي إذن ظاهرة قهرية والزامية تمارس قهرا وإكراها على األفراد ان الحديث عن الطبيعة الخارجية المستقل لظاهرة اجتماعية يجعل منها ظاهرة قابلة لدراسة الموضوعية و ذالك عبر النظر إليها كشيء من االشياء
MĭĐǿ Claÿen
أرسلت .
- الملفات : الملفات.
- المستوى : الثانية باكالوريا.
- المادة : الفلسفة.
كلمات مفتاحية :
مجزوءة المعرفة
مجزوءة المعرفة